مأدبة القرآن
حاجة الإنسان المعاصر إلى مأدبة القرآن : أخي العاقل ندخل في رياض القرآن ، ونترك تلك الصحارى القاحلة التي زاغت فيها البصائر والأبصار ، ومات الناس أفراداً وجماعاتوهم يلهثون وراء سراب السعادة الخادع في حرِّها وقرِّها . نلتمس في جنان القرآن رشفة من عذب مائه الذي يعيد الحياةإلى الأجساد التي تدب في تلك الصحارى بلا حياة . قال الله تعالى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُوَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَاوَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (52) سورة الشورىوقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}(24) سورة الأنفال تعال أخي الباحث عن سر السعادة نستجيب لنداء الآدِب ( رب العالمين )ليهبنا الخلود في السعادة
<blockquote>
سعادة الدار الأولى طمأنينة قلب وهدوء أعصاب وراحة نفس وسعـــــادة الآخرة مع الصحبة الطاهرة ( مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَوَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) (69)سورة لنساء.
تعال ندخل إلى رحاب القرآن الظليلة بظلال الرحمن الرحيم رب العالمين مالك الدنيا والآخرة الذي وهبنا الحياة ليشرفنا بمعرفته </blockquote>قال الله تعالى :(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(56) سورة الذاريات لأن أعظم السعادات في معرفة الله خالق كل شيء
وهذا كتابه الكريم يرشدنا إلى المثول بين يديه ليفيض علينا من فضله العظيم ( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) المدعوون إلى مائدة الله : إن هذه الحدائق الغناء وما فيها من أمن وسلام وطمأنينة لمن يسكنها . لا تستقبل إلا من يخلص نفسه من أدرانها ويرضى طائعاً بالتخلي عن التعلق بحياة الشقاء والتعاسة والنكد في صحراء البعد عن رحاب الله وأفياء جنانه إنها لا تستقبل إلا من خلّص قلبه من حب الخبائث والقاذورات !!! وتنقى من شوائب الحقد والحسد والبغضاء ، وأصبح مرتعاً للرحمة لكل الخلق لأنهم إخوته بإيجاد الله لهم !!! إنها لا تستقبل إلا من كان رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم أحبّ إليه من أهله وماله ونفسه التي بين جنبيه ... إلا من كان ربانياً بتربية الله له إنها لا تستقبل إلا من تخلّق بأخلاق الله . وهل يكون ذلك من غير منهاج وكتاب وأستاذ ؟؟؟!!! ولقد منّ الله عزوجل على الإنسانية بأعظم الرسل أستاذاً ومعلماً !وبأعظم كتاب منهاجاً وطريقاً .. إن الوصول إلى حدائق القرآن لا تكون إلا لمن سلك الدرب التي حفتها عن يمين آيات الهدي الكريم وعن شمال سنة النبي الأمي صلى الله عليه وسلم . مفتاح حدائق القرآن : إن مفتاح أسوار حدائق القرآن في أول آية سطرت في كتاب الله الكريم( بسم الله الرحمن الرحيم ) إذا كان الإنسان بعيداً عن الإسلام يشعر بسطوة الآلهة وحقدها عليه ويعمل جاهداً لدفع شرها ! فإن المسلم يحس وهو يصافح أولى آيات القرآن الكريم بتلك النفحة المباركة الخيرة التي تريد له السعادة والخير المقدمين له من الرحمن الرحيم دون أن يكون له أيُّ دور في جلب نفع أو دفع ضر !!! وإنما كان ذلك تفضلاً من الله سبحانه .. فالناس كلهم فقراء محتاجون إليه وهو الغني الحميد إنه سبحانه يريدهم أن يسعدوا قال الله تعالى :( طه . مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى )(1 – 2 ) سورة طـه وإنما تكمن سعادتهم في طاعته . وهل يطيعونه إذا لم يحبوه ؟! هذا الاسم الذي لم يعرفه أحد إلا للذات العلية . هذا الاسم الأعظم الذي يفيض بالخير على كل من جعله في قلبه سمير روحه هذا الاسم الذي شرح الرسول الكريم به صدور أجدادنا يوم دعاهم إلى كلمة واحدة يملكون بها العرب وتدين لهم بها العجم كلمة ( لا إله إلا الله ) فإذا آمن الإنسان بالله وكفر بما سواه مما ( ضره أقرب من نفعه ) إذا وضع الإنسان في قلبه كلمة حُقّ له أن يلج حدائق القرآن لينهل من ينابيعه الخلود ومن ثماره مالا يستطيع الوصف أن يحيط ببعضه هديُّ القرآن : من يهتدي بهدي القرآن ؟! نقرأ الجواب على هذا السؤال في أول سورة البقرة ، وهي في الترتيب ثاني سور القرآن الكريم يقول ربنا سبحانه وتعالى :{ألم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}(2) سورة البقرة ولنقف أمام هذا المطلع الكريم متأملين . إن ربنا جلَّ وعزَّ يبين للإنسان أن هذا القرآن بكل ما فيه من جوانب العزة والرفعة لمن تمسك به لا يكون فيه أدنى فائدة إلا لمن تحقق بهذه الصفة التي هي بمثابة الشرط في تحقق الجواب، أو سبباً في تحقق النتيجة
فالقرآن غيث ... وهل يفيد الغيث من أهمل أرضه فترك فيها الأعشاب الضارة ، ولم يعالج فسادها ويجعل فيها البذور الصالحة والغراس النافعة قبل موسم الغيث وكيف يكون القرآن هدى لمن ترك نفسه على غاربها تسير وفق هواها وشهواتها . إذاً لابد من وقفة مع هذه الصفة المباركة التي يعطي الله من تحقق بها هدي القرآن ليصير على نور من ربه .
------------ التوقيع ------------- |